الموقع الرسمي للزاوية الريسونية
الزاوية الريسونية أسست في أثناء معركة وادي المخازن الشهيرة التي وقعت في 1578 ميلادية على يد سيدي امحمد بن علي بن ريسون المتوفى عام 1609 بإذن شيخه مولاي عبد الله بن الحسين الأمغاري دفين قرية تامصلوحت ضواحي مراكش. ومنهاجها يعتمد على الكتاب والسنة النبوية وعلى عمل الصحابة والسيرة العطرة للصالحين، أما من حيث منهاجها العقدي فهو مرتبط مع مذهب أهل السنة والجماعة على طريقة الإمام الأشعري رضي الله عنه وهو ما كان عليه السلف ببلادنا المغربية. يبقى الجانب الدعوي الذي نقوم به بالعلم والموعظة الحسنة من غير إفراط ولا تفريط كما تقتضيه الوسطية والاعتدال.

الملتقى السادس

0

انطلق الملتقى يوم الأحد 17 يوليوز 2016 بالزاوية الريسونية بمدينة شفشاون، حيث يوجد أقدم بيت بهذه المدينة المقاومة، والذي يعود تاريخه إلى مؤسس البلدة الأمير مولاي علي بن موسى ابن راشد العلمي، وحيث يوجد مرقد المجاهدة المقاومة الشريفة السيدة الحرة.

وكان موضوع هذه الدورة حول:

تجديد البيعة الشرعية وتأكيد عهود المحبة والولاء لأمير المومنين سيدي محمد السادس نصره الله  غصن الدوحة النبوية الشماء والضامن بإذن الله لوحدة وأمن وازدهار المغرب بلاد الأولياء

وفي يوم الإثنين الموالي، تم بفضل الله سبحانه إخراج السلك القرآنية من طرف حفاظ كتاب الله عز وجل، الذين اجتمعوا في رحاب هذه الزاوية المؤسسة في أثناء معركة وادي المخازن 1578م، وتم عقبها الدعاء الصالح مع ملك البلاد أمير المومنين سيدي محمد السادس، بالنصر والتأييد والعون والبركة والحفظ من كل الأذى.

الحضرة الشفشاونية والمديح النبوي كانت محور اليومين المواليين الثلاثاء والأربعاء، حيث تم إنشاد القصائد والمدائح النبوية التي تميزت بها الزاوية الريسونية بمدينة شفشاون، وحضر ذلك ممثلين للمسلمين الأندلسيين بإسبانيا.

وكعادة ملتقيات مجمع الصالحين في كل سنة، تم يوم الخميس 21 يوليوز 2016 تنظيم ندوة علمية مميزة، تمحورت حول إمارة المومنين والبعد الحقوقي، أطرها مجموعة من الخبراء والباحثين والدكاترة والمختصين، سلطوا الضوء على التطورات الجديدة في المجال الحقوقي ودور إمارة المومنين بالمغرب في تثبيتها والعمل على تطوريها وملاءمتها لمستجدات العصر، ومن بين المتدخلين: الدكتور إدريس خليفة، عضو المجلس العلمي الأعلى، وعميد سابق لكلية أصول الدين – الدكتور عبدالسلام الغنامي، أستاذ بكلية الحقوق بالرباط – الدكتور رشيد مصطفى، باحث في التصوف السني – الأستاذ علي الريسوني، مؤرخ جهة طنجة تطوان الحسيمة وغيرهم. كما تم تنظيم معرض على هامش الندوة، لمجموعة هامة من إصدارات المجلس العلمي الأعلى، من كتب علمية ومجلات محكمة وفتاوى مالكية وأنشطة ثقافية مختلفة.

ونظرا لكون مجمع الصالحين، يدعو بخير الدنيا والآخرة لملك البلاد أمير المومينن جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وللمغاربة والمسلمين قاطبة، فقد خصص على عادته، زيارة جماعية للرباط شارك فيها جمع غفير من المحبين والذاكرين وممثلو الصحراء المغربية والأشراف العلميون والعلويون وبعض الزوايا المغربية، وذلك للترحم على روح الملك الباني الحسن الثاني أسكنه الله دار التهاني، وكذا على روح فقيد العروبة والإسلام جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، وذلك بالتزامن مع الذكرى 16 لوفاة الحسن الثاني رحمه الله.

وفي يوم السبت، استقبلت الزاوية الريسونية بشفشاون الوفود المشاركة في موسم الدعاء لأمير المومنين، وعلى رأس هذه الوفود، وفد الزاوية الأمغارية المصلوحية، نسبة للشيخ مولاي عبد الله بن الحسين الأمغاري المتوفى بتامصلوحت في 974هـ، وكذا وفد الزاوية البوعزاوية المباركة التي قامت بأدوار الجهاد والدفاع في فترة الحماية وغيرها من الزوايا، كما تم استقبال الضيوف والمشاركين، وأقيم مجلس الذكر مساء بدار الزاوية.

في اليوم الأخير من هذا الملتقى المبارك، نُظم موسم الدعاء لأمير المومنين بمولاي عبدالسلام ابن مشيش، هذا الموسم الذي يُتوج الملتقى السادس لمجمع الصالحين، حيث اجتمع المئات من المشاركين بالضريح المشيشي وابتهلوا إلى الله لاستنزال الرحمات ورفع الحرج عن قطرنا المغربي، وتم ختم السلك القرآنية المباركة، وقراءة الأدعية النبوية والأذكار الشرعية  وأوراد الصالحين، وتولى الدعاء خطيب جامع القرويين، الدكتور الشريف مولاي إدريس الفاسي الفهري نائب عميد جامعة القرويين، بأن يحفظ الله البلاد والعباد ويلطف بعباده المومنين في شؤونهم، وينصر أمير المومنين نصرا مبينا ينصر به الدين، وبجعل البركة فيه ويحفظه أينما حل وارتحل، ويجعل بلادنا المغربية آمنة مطمئنة وسائر يلاد المسلمين، كما تم رفع البرقية إلى أمير المومنين نصره الله تلاها الشيخ علي الريسوني، المشرف على ملتقيات مجمع الصالحين.

ثم توجه الحاضرين إلى المسجد الكبير أسفل الضريح، وأخذوا يتناوبون في الكلمات والأدعية الخاشعة الصادقة وتجديد البيعة الشرعية لعاهل البلاد نصره الله، وذلك بعد قيامهم بصلاة الحاجة بنية الخير والحفظ لملكنا المفدى ولمغربنا الغالي.

ومما امتاز به هذا الموسم، هو تقديمه لصورة لأمير المومينن جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهو محاط بالمصحف الشريف من جميع جوانبه، حيث قام المشاركون بأخذ صور تذكارية بجانبها، كما تم جلب فرقة البواردية التي تذكر بأيام الجهاد والنصر ضد الأعداء عبر طلقاتهم البارودية، بالإضافة إلى فرقة عيساوة التي تبعث في النفوس البهجة والسرور فرحا بعيد العرش السعيد، وغير ذلك من الأنشطة المختلفة.

جدير بالذكر، أن هذا الموسم شاركت فيه الزوايا والطرق الصوفية المختلفة بالمملكة المغربية، وممثلو العلماء والأشراف وحفاظ القرآن الكريم وممثلو سكان سبتة ومليلية والصحراء المغربية، وممثلو مغاربة الخارج والمجتمع المدني وغيرهم.

ومساء، أقيم حفل في الزاوية الريسونية بتازروت، واختتم الملتقى في جو روحي ووطني مفعم بقيم المحبة والتسامح والإخاء، وتم الدعاء الصالح هناك لأمير المومنين جلالة الملك سيدي محمد السادس نصره الله.

ومن مقاصد هذا الملتقى:

  1. تفعيل التصوف السني، تحسيسا وإحياء وممارسة.

  2. استمرار فعاليات الأنشطة المحلية والإقليمية والجهوية، للملتقى السادس لمجمع الصالحين طيلة السنة، من صيف 2016 إلى صيف 2017 إن شاء الله، عبر مختلف المحطات في الزوايا المغربية وفروعها، في شتى المدن والقرى، بالتعاون والتنسيق مع أهل الله والفضلاء والأخيار، شيوخ ومقدمي ومريدي الزوايا المغربية المباركة، بالحضور في المواسم ومجالس الأذكار، والسياحات والاتصالات، والمؤتمرات والندوات، واللقاءات المبرمجة والعفوية، بُغية الاستمرار في هذا العمل التعبدي، لتنشيط النفوس، وتوسيع شبكة المنتسبين للتصوف السني، المبني على الشرع، والبريء من البدع والأهواء.

  3. التحسيس بأن التصوف نقيض التطرف، فلا يجتمعان، إذ لب التصوف هو تصفية القلب من الأحقاد والجهالات والكره والبغض، وغسل النفس بماء المحبة، وملء الفؤاد بنور الرحمة للخلق أجمعين، وبذلك يكون المؤمن متحليا بالأذواق الرفيعة المنافية للعنف والإرهاب والظلم، والجنوح للأذى كيفما كان نوعه.

  4. التحسيس بأن التصوف وقاية من الانحرافات العقدية والسلوكية قبل وقوعها، ثم هو علاج لها بعد وقوعها.

  5. التوعية بأن الزاوية المغربية مؤطرة للمومنين من الناحية الأخلاقية، فهي تربي وتزكي وتهذب الطباع، وتعلم المعاشرة، وترسخ الملاطفة والبشاشة والابتسامة والإيناس، وتحمل عبئ المواطنة.

  6. تعزيز قيم المواطنة، والتعاضد، وتقاسم الأعباء، والتشارك في الأعمال الاجتماعية والخيرية والتنموية، واحترام القانون، والنزاهة، والحكامة، والعفة، وقبول الاختلاف مع الآخر.

  7. الجمع بين التدين والحفاظ على الإسلام في قيمه وجوهره ومبادئه، وما بين الحداثة والمعاصرة والتفتح بكل ما فيها منافع وفوائد إدارية، وحضارية، وعلمية، وتكنولوجية، وتنظيمية، وغيرها.

  8. تلاوة القرآن الكريم جماعيا في الحزب وغيره، خلاف ما يدعو إليه المتطرفون.

  9. إعلان الذكر الجماعي، كما كان عليه الآباء والأجداد.

  10. إشاعة زيارة قبور الصالحين والأولياء، وِفق قواعد الفقه المالكي، خلافا للمتشددين الذي يدعون السلفية.

  11. إشاعة التوسل بمحبة الصالحين والأولياء، فالتوسل بمحبتهم مشروع بل هو عين الدين الصحيح، بمعنى أن المؤمن يحب الله تعالى ذاتا وصفاتا وأسماء، ويحب أنبياءه عليهم الصلاة والسلام، ويحب ملائكته، ويحب الصالحين، وهذه المحبة يتوسل بها المسلم إلى ربه في قضاء حاجاته، لا خلاف في ذلك بين أهل السنة والجماعة.

  12. التذكير بأسماء الله الحسنى، وهي تسعة وتسعون، ومنها اسم الله اللطيف، الذي دأب المغاربة على الاشتغال بذكره، فرادى وجماعات، حتى إنه في سنة 1930، كان هو الذي فجر الحركة الوطنية في قضية الظهير البربري كما هو معلوم.

  13. ترويج مصطلح (مجمع الصالحين)، فهذا العنوان تناساه الناس، ودأبوا على استعمال عناوين أخرى، وأسماء شتى، متناسين مصطلح (مجمع الصالحين) الذي أسسه مولاي عبد الله الغزواني رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فالآن تجد في القاموس الشعبي والمتخصص، آلاف الكلمات المتداولة، إلا الصالحون ومجمعهم، فقد قل استعمال الكلمتين وندر الندرة البالغة، حيث طغت العناوين التي روجت لها قنوات التلفزة، وشاشات الفضائيات، والمواقع الإلكترونية، وتداولتها الجرائد الورقية والأندية، باستثناء الكلمات التي كانت تروج لدى الغالبية الساحقة من سلفنا، ككلمة (الأولياء) و(الصالحين).

فالآن، استرداد كلمة (أولياء الله) و(الصالحين) وكلمة (أهل الله) و(الفضلاء والأخيار) و(الشرفاء) و(آل البيت النبوي الكريم) و(زيارة الأضرحة) و(الزوايا)، كلها ألفاظ ينفع ترويجها الآن، لربط الناشئة بجذور الهوية المغربية، وإبقاء الصلة مابين الخلف والسلف، حتى لا تُمحى الذاكرة، ولا يُمحى التاريخ.

فآلاف الظهائر السلطانية التي أنعم بها ساداتنا السلاطين العلويون، والمحفوظة لدى العامة والخاصة، مشحونة جدا بتلك المصطلحات التي تحيل على المقدسات والحرمات، فكانوا رحمهم الله وأجزل مثوبتهم، يُنعمون على أهل الفضل والخير بظهائر والتوقير والاحترام، التي تحمل العبارات ذات الدلالات الروحية والصوفية والدينية، والتي كانت هي المُستعملة لدى الطبقات الشعبية ولدى طبقة المخزن، وفئة العلماء، وأهل الحل والعقد، في الأزمنة السالفة، فكانت ممتزجة بالقاموس الشعبي، وتشكل المادة الثرية للغة الدارجة، واللغة العالمة معا لأهل المغرب، فلما استعمرت بلادنا، صارت المصطلحات الحديثة تغزونا في الميادين الإدارية والتربوية والتعليمية والإعلامية وغيرها، وصارت تتلاشى المصطلحات ذات الدلالات والرموز الصوفية المقدسة مع الأسف.

فالآن، الترويج لكلمة (الصالحين) و(أهل الله) وغيرهما، فيه استعادة للذاكرة، وتجديد للغة التي ترقي المدارك، وتسمو بالنفوس إلى فضاء الأذواق الرفيعة.

  1. ترويج مصطلح (التبرك) و(البركات) مثل ما سبق في النقطة السالفة، وكنا في شفشاون قد نظمنا ندوة حول التأصيل الشرعي للتبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وآثار الصالحين، بالتعاون مع غيرنا، في 2013.

  2. الاعتناء بفن الإنشاد، بنوعيه السماع الصوفي، والمديح النبوي.

  3. الاعتناء بالسياحة الصوفية وتنشيط السياحة الدينية جهويا ووطنيا من داخل المغرب وخارجه.

  4. الانخراط في التنمية الجهوية، بعد إحداث التقسيم الجهوي الجديد.

  5. إبراز الخصائص والمميزات لمنطقة جبالة الممتدة في جهة طنجة تطوان الحسيمة.

  6. التعريف بمولاي عبد السلام بن مشيش، شيخ أبي الحسن الشاذلي المولود بقرية اشنواغن بقبيلة الأخماس، اقليم شفشاون، باعتبار الطريقة الشاذلية طريقة سنية عالمية، تنبذ العنف، وتدعو إلى الروحانية، والتعايش، والمحبة، والسلام، فهي طريقة ينبغي أن يفتخر بها المغاربة لكونها ممتدة في دول العالم كلها، وشبكتها تربط الكرة الأرضية بالزوايا والمراكز والمؤسسات والمدارس، ذات الاتجاه الصوفي الشاذلي، الأمر الذي يعزز مكانة المغرب باعتباره مصدر الشاذلية، ومسقط رأس الإمام المنسوبة إليه، والمتوفى (أي الشاذلي) سنة 656هـ، بصحراء عيذاب، جنوب مصر.

  7. إبراز أن مولاي عبد السلام بن مشيش، كان عبر التاريخ محل اجتماع ممثلي شمال المغرب، من الأشراف والعلماء والوجهاء والأولياء والصالحين ورجال المخزن، وفي ضريحه المنور كان المغرب يعلن الجهاد ضد الغزو الإيبيري، ومن ضريحه كان الأولياء والصالحون يبادرون إلى بيعة الملوك، فيتبعهم الشعب في شمال المغرب ثم في جنوبه، وبذلك ظل هذا الضريح محل استقطاب فضلاء الناس وأخيارهم ومحل زيارة حفظة القرآن، والعباد والزهاد والنساك، والمنقطعين إلى الله، وما زال الأمر كذلك إلى معركة وادي المخازن، ففي الضريح أعلن الجهاد ضد البرتغال، ثم ضد الغزاة الأوروبيين إلى القرن العشرين.

فهذا المكان الطاهر، له رمزية خاصة في الذاكرة الشعبية، وفي المخيال الشعبي، لا يُمحى ولا يزول.

  1. كما أن الضريح بعد المسيرة الخضراء، يمثل بالنسبة للمغرب نقطة التقاء أهل الصحراء حتى الآن وإلى الآن، من إخواننا في العيون والداخلة والسمارة، وغيرها من الجهات الصحراوية المباركة، فيأتون إلى الضريح لتجديد الاتصال مع الأشراف العلميين والعروسيين، كما يأتون لتجديد البيعة لأمير المومنين سيدي محمد السادس نصره الله، وتجديد تعلقهم بوطنهم المغرب.

  2. التذكير بأن ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، يُعتبر من أهم الأضرحة المباركة في المغرب، وتُربته مشهورة في عموم بلادنا، فعلى امتداد 24 ساعة، لا يكاد يخلو مقامه من قارئ لكتاب الله، تاليا أو متدبرا، وكذا من مصل أو ذاكر أو شاكر أو متفكر أو داع أو متصدق، وبذلك تنزل الرحمات تترى على البقعة الميمونة التي هي مسجد في اتجاه القبلة، وفي الخلف الضريح غير المغطى الموجود في وسطه، شجرة قديمة. فبأولائك الزائرين المتوافدين ليل نهار من شتى المدن والبوادي والنواحي والأقطار، والذين لا يشتغلون إلا بالتلاوة أو الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو النصيحة للمسلمين، لا تنعدم الرحمة، وساعة الإجابة، واغتنام فرص الفرج من الله عز وجل.

فمقامه رحمه الله في جبالة، ومقام مولاي بوسلهام في الغرب، ومولاي ادريس الأكبر بزرهون، ومولاي ادريس الأزهر بفاس، ومولاي علي الشريف بتافيلالت، والجزولي بمراكش، وأضرابهم، هي مقامات جعلت من وطننا بلاد الأولياء، وما أكثرهم عندنا، وسيرهم مسجلة في الدفاتر والدواوين من المخطوطات والمطبوعات، وسارت بذكرهم الركبان، وتداولتهم الآداب الشعبية بالحكايات والقصص والروايات عن الكرامات والمناقب، وكل ذلك من مميزات بلادنا التي حافظت على هذه الخصلة الطيبة التي تجعل العامة يحترمون أهل الله بما يليق بهم من الترحم والدعاء لهم، والتوسل بحبهم، والاهتداء بهديهم رضي الله عنهم ونفعنا بهم.

  1. التنويه بأولياء الرحمن من حيث ولايتهم، في وقت يكاد توقيرهم يجف ماؤه في قلوب من لا يخشى الله، فأولياء الرحمن عليهم الرضوان ورثوا من نبينا عليه السلام الولاية، وهي الإدمان على الطاعة بالنوافل والمندوبات، والامتثال، وتقوى الله، والذكر، واستحضار الله تعالى، والخوف منه، والرجاء فيه، والشوق إليه، وهذه الحالة من العبادة، والتأله والتنسك، والمحبة في الخالق سبحانه، بالمحافظة على السنة، وتحليل الحلال، وتحريم الحرام، وتصحيح التوحيد، هي السبب بفضل الله تعالى، في أن الله سبحانه يصطفي المتقرب إليه، فيجتبيه لحضرته، ويُكرمه بالمغفرة، وقبول الأعمال الصالحة، ويهديه للصراط المستقيم، ويُنعم عليه بالصحة والعافية، ويثبته بالسكينة، ويُفرج كربه، ويستجيب دعاءه، ويدافع عنه، ويقضي له الآراب، ويرأف به، ويرحمه، ويُظهر عليه حُلل الرضاء فيسقيه ويكسوه، ويكشف له عن عجائب أسرار التشريع، وغرائب أسرار الحياة والوجود والتكوين، وجوانب من الغيب النسبي مما يليق بالبشرية، فيمتعه بالكشوفات، ويُعطيه الفهم الدقيق، ويُزيل عنه الوهم، ويغسله من الأباطيل، ويُتحفه بالمعارف، ويُطهر فؤاده، ويُقرب إليه الملائكة، وينطقه بالحكمة، ويُشفعه في محبيه، ويُظهر عليه خوارق وعجائب وغرائب من الأنوار والأسرار، وسني الأحوال، ويُعطيه الفتح والتكليم والتحديث، وينجيه من الكروب.

فهؤلاء هم أولياء الله تعالى، رحمة بالعباد والبلاد، فما أحوجنا اليوم لقراءة آثارهم، ومُطالعة سيرهم، ومعرفة مناقبهم، من أجل اتباعهم في أخلاقهم وشمائلهم، ومراقبتهم لله على الدوام، حتى نستنير، وتفيض علينا الخيرات، ويحفظ الله لنا بلدنا المغرب من الآفات.

أما الذين زاغوا عن الصواب، فقد أهملوا ذكر الأولياء والصالحين، فلا يجري على ألسنتهم ذكرهم، ولا يجري على أقلامهم تسطير قصصهم وأخبارهم، ولا يكادون يزورونهم في ضرائحهم المنورة مع الأسف الشديد، وهذا حال الطوائف المتشددة التي أنتجت التيارات العنيفة، التي عصفت بكثير من بلاد المسلمين، برفضها لتقاليد الأسلاف، وإتيانها بمذاهب جديدة ليس فيها من ذوق ولا لين ولا رقة ولا رحمة.

إننا في أمس الحاجة إلى تعريف الأجيال الجديدة بأهل الله ساداتنا الذين نتشرف بخدمتهم وهم أموات، ولو كانوا أحياء لتشرفنا بخدمتهم وهم أحياء، لكننا ولله الحمد نحيي بفضله محبتهم في النفوس على قدر ما قيض الله لنا من إمكانات التواصل مع مريدي النجاة وطالبي الخلاص، والحمد لله رب العالمين الذي يستحق أن نعبده بإخلاص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد