الموقع الرسمي للزاوية الريسونية
الزاوية الريسونية أسست في أثناء معركة وادي المخازن الشهيرة التي وقعت في 1578 ميلادية على يد سيدي امحمد بن علي بن ريسون المتوفى عام 1609 بإذن شيخه مولاي عبد الله بن الحسين الأمغاري دفين قرية تامصلوحت ضواحي مراكش. ومنهاجها يعتمد على الكتاب والسنة النبوية وعلى عمل الصحابة والسيرة العطرة للصالحين، أما من حيث منهاجها العقدي فهو مرتبط مع مذهب أهل السنة والجماعة على طريقة الإمام الأشعري رضي الله عنه وهو ما كان عليه السلف ببلادنا المغربية. يبقى الجانب الدعوي الذي نقوم به بالعلم والموعظة الحسنة من غير إفراط ولا تفريط كما تقتضيه الوسطية والاعتدال.

الزاوية الريسونية تُصدر أول وثيقة للمطالبة باستقلال المغرب

0

يُخلد المغاربة في يوم 11 يناير من كل سنة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب الموقعة في 11 يناير 1944، وهو حدث وطني هام حاز المغرب من خلاله على استقلاله و وحدته واستقراره.

لكن التاريخ كشف لنا عن حقيقة جديدة ومتنية كان لابد من إظهارها ونشرها إحقاقا للحق ودرءً للشبهات، لأن التاريخ ثابت لا يتغير، ومتى ما توفرت الدلائل والوثائق والمستندات التي لا مجال لنفيها أو دحضها إلا وانتفى الباطل واختفى البهتان وبرزت شمس الحقيقة.

من هذا المُنطلق، كشف لنا المؤرخ المغربي الشريف علي بن أحمد الريسوني، عن أول وثيقة للمطالبة بالاستقلال وهي مؤرخة في 30 ماي 1919، صدرت من الزاوية الريسونية بتازروت، وموقعة من طرف زعيم المقاومة الجبلية في شمال المغرب الشريف مولاي أحمد الريسوني.

هذه الوثيقة ألف عنها المؤرخ علي الريسوني كتاباً صدر عن مؤسسة البيت للشريف مولاي أحمد الريسوني تحت عنوان “الوثيقة الأولى للمطالبة باستقلال المغرب” وهو عبارة عن وثيقة تاريخية في 130 صفحة، يجلي فيها  الغبار عن مرحلة تاريخية مركزية في تاريخ استقلال المغرب، الوثيقة ترجع إلى سنة 1919 و قدمها زعيم المقاومة الجبلية الشريف مولاي أحمد الريسوني إلى الرئيس الأمريكي آنذاك “ويلسون” وتوقف الكاتب على أن الوثيقة تثبت الدور الجهادي للزوايا  آنذاك عكس ماكان مروجا.

وفيما يلي وثيقة ملخصة لمضمون الكتاب من الشيخ والمؤرخ علي الريسوني:

“الكتاب يعتبر إضافة جديدة لتاريخ المغرب المعاصر  وهو عبارة عن عرض وتحليل  رسالة مهمة وهامة  ومفيدة جدا هي وملحقاتها التي بعثها زعيم المقاومة الجبلية الشريف مولاي أحمد الريسوني من الزاوية الريسونية “تازروت”بإقليم العرائش إلى الرئيس الأمريكي” ويلسون”بواسطة سفير هذا الأخير بمدريد الذي توصل نفسه برسالة مماثلة  يوم الجمعة 29 شعبان1537 الموافق30 ماي1919،وأصل الرسالة مكتوب باللغة العربية بخط اليد في ثلاث أوراق واضحة تمام الوضوح و ترجمت إلى اللغة الإسبانية و محفوظة في الأرشيف العام الإداري السياسي للدولة الإسبانية الحديثة، ويطلب الزعيم الريسوني بموجبها من الرئيس الأمريكي بأن يسعى ويضغط لدى الدولتين المحتلتين للمغرب فرنسا واسبانيا  من أجل إعطاء الإستقلال وإنهاء احتلالهما للمغرب وقد بعث الزعيم الريسوني الرسالة إلى الرئيس ويلسون، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى 1914 -1918 التي انهزمت فيها ألمانيا وانتصر فيها الحلفاء.

وصرح الرئيس الأمريكي بالمناسبة بأن الشعوب والدول المستضعفة والضعيفة  ينبغي أن تأخذ استقلالها وأن تنصف ويرفع الظلم عنها  جزاء لها على مشاركتها  إلى جانب الحلفاء في الحرب الكونية العظمى ضد ألمانيا، كما هو الحال بالنسبة  للمغرب الذي كان قد شارك بآلاف الجنود مع فرنسا في الحرب المذكورة، وللإشارة فهذه الرسالة كانت موضوع أطروحة في الدكتوراه في التاريخ  في جامعة بمدريد  من طرف صديقنا الباحث “كارلوس تيساينر”الذي نوقشت رسالته في سنة 1991 من لجنة مكونة من 6 دكاترة من أعلام تاريخ العالم  المعاصر ،  ثم بعد ذلك أخرج الباحث كتابه المعروف “الريسوني حليف وعدو اسبانيا” وطبع مرتين في 1998  و 2015  و أورد فيه الرسالة المذكورة باللغة الإسبانية-هذا و سمي الكتاب هكذا لأن الريسوني كان  يحارب اسبانيا بطريقتين :طريقة حربية عسكرية من جهة  وبطريقة الدهاء والمكر والخداع  والمراوغة كما هي عادته  من جهة أخرى، وكان بذلك أكبر عبقري في الجهاد ضد الحكم الإسباني في الفترة بين 1913 إلى 1924 ،إذن فقد أدخلنا هذه الرسالة التاريخية في بحثنا  دون إغفال ماجاء به محمد بن عزوز حكيم وهو مؤرخ كبير من تطوان وله عدة مؤلفات وقد أورد الوثيقة في الجزء الثاني من كتابه “مواقف الزعيم الريسوني من الإسبان”.

لماذا نشرنا هذا الكتاب حول رسالة الريسوني إلى الرئيس الأمريكي؟

قمنا بذلك ونشرنا صورة منها في كتابنا  لتنوير المغاربة بأن وثيقة 1944 المطالبة بالإستقلال ليست هي الأولى بل هي  جاءت بعد وثيقة سبقتها سنة 1919 وذلك رفعا للبس والخطأ  الحاصل  وإضافة للمعلومات لوضع الأمور في محلها، إذ أن المقاومة الجبلية انطلقت سنة 1913 من تطوان ضد الاستعمار الإسباني، وجمعت القبائل بمولاي عبد السلام بن مشيش وأعلنت الجهاد،  والبطل الريسوني مثل الزاوية الريسونية “تازروت” لحظتها ، ونستنتج إذن  أن الزوايا المغربية و الريسونية كنموذج لم تكن أبدا مع الإستعمار أو خاضعة له  وثانيا أن الرسالة صدرت من الريسوني بشكل مبكر تطالب  بشرعية استقلال المغرب و كان قد عين من طرف السلطان المولى عبد الحفيظ عاملا على مدينة أصيلا  وعلى القبائل الجبلية في شمال غرب المغرب  وهي ما تضمه  الآن أقاليم تطوان العرائش شفشاون  وتاونات، ولذلك أردنا أن ننفي عن التصوف المغربي  والزوايا الصوفية تهمة الخمول والكسل أو أنها كانت خاضعة ولم تقم بالواجب الوطني في المقاومة، وبالتالي فالوثيقة تفيد بأن الزاوية المغربية كانت وما تزال وينبغي أن تبقى وطنية  بل وإذا جاء وقت الكفاح يجب أن تكون هي الأولى والزاوية الريسونية في “تزروت”قامت بعمليات الجهاد ضد المستعمر منذ 1913  بقيادة الشريف الريسوني إلى أن قضى نحبه سنة  1924.

وكان لابد  من هذه الكلمة للتنوير، فالتاريخ علمنا أن نكتشف فيه أشياء جديدة كانت غير معروفة نراجع بها الأمور لنضعها في محلها ونصابها خاصة بعدما فتحت الأرشيفات الأوروبية  أبوابها  ،ووثيقة الشريف الريسوني التي طالب بها سنة 1919 استقلال المغرب التي تمحور حولها كتابنا  غنية المعنى عميقة الدلالة.

الباحث: جمال الدين الريسوني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد