شيخ الطريقة الريسونية
السيرة العلمية لفضيلة الشيخ الشريف
علي بن أحمد بن الأمين الريسوني
ولادته:
ولد الشيخ مولاي علي الريسوني بمدينة شفشاون في 6 ربيع الثاني 1362هـ موافق 12 أبريل 1943م، ونشأ في بيت علم وشرف وتربى بين أحضان والديه نقيب الأشراف الريسونيين مولاي أحمد بن الأمين الريسوني المتوفى في 1976 وأمه الشريفة الزهرة بنت الوزير مولاي الصادق بن المختار الريسوني، واللذين سهرا على تربيته وحرصا على تعليمه وتلقينه مختلف العلوم حيث بدأ أولى خطواته الدراسية من كتاب الزاوية الريسونية حيث ولجه وهو صبي صغير، فصار يحفظ القرآن بزاوية أجداده علي يد الفقيه أحمد بنسعيد، وبعد ذلك دخل المدرسة الابتدائية قبل أن يلتحق بالمعهد الديني بشفشاون، والذي أخد يتلقى فيه العلم على يد علماء كبار أمثال الشيخ محمد بن عياد وشيخ الجماعة الفقيه محمد أصبان وغيرهما بمختلف فنونه اللغوية والشرعية والتي برع فيها، والذي ساعده على ذلك – فضلا عن متابعته للدراسة بهذا المعهد – هو وجود مكتبة هامة وثرية في منزل والده، يعود أصلها إلى مؤسس الزاوية الريسونية أبي عبد الله امحمد بن علي بن ريسون العلمي المتوفي بتازروت عام 1018، والذي اشتهر بالجهاد والتصوف والزهد.
نسبه:
هو علي بن أحمد بن الأمين بن أحمد بن الأمين بن علي بن امحمد بن محمد العربي بن الحسن بن الجد الجامع للأشراف الريسونيين سيدي امحمد بن علي ابن ريسون.
تكوينه العلمي:
ومن ثم انغرس في نفسه حب الإطلاع وحب الكتب، فكان يقرأ باستمرار إلى أن تكون لديه رصيد لا بأس به من المعرفة جعله أكثر تحمسا في الإنطلاق نحو نهل أكبر عدد ممكن من المعارف والفنون والآداب، ولم يكتف بما توفر لديه من كتب ووثائق داخل المنزل، بل عمل أيضا على قصد مجموعة من المكتبات ليستفيد مما تحتوي عليه من كتب ومجلات وجرائد ، وفي هذا الصدد يقول الشاعر علي الريسوني :
“استفدت من مكتبة تازروت التي حبس فيها كتب بعض السلاطين العلويين، منهم السلطان محمد بن عبد الله بن اسماعيل، حيث وجدت صحيح البخاري، وقرأت ما تيسر عن المخطوطات التي نهبها – مع الأسف – الريفيون عندما اقتحموا تازروت، واستفدت من مكتبة مولاي أحمد الريسوني (توفي في 3 أبريل 1953 ) التي تعرضت أيضا للنهب والإختلاس ، ورغم ذلك فإنها لا تزال تحتفظ بالكثير من المخطوطات الهامة التي تؤرخ لمرحلة من مراحل التاريخ المغربي و الأندلسي و المشرقي ، كما تحتفظ ببعض الآثار الفقهية من الفقه المالكي وكتب طبقات المتصوفين”.
وإلى جانب المكتبتين المذكورتين فقد استفاد أيضا من المكتبة الراشدية التي قرأ فيها كتاب الحكم لابن عطاء الله السكندري بشرح أحمد بن عجيبة، كما اطلع فيها على كتاب باللغة الإسبانية حول ضريح سيد هدي ،وكذا كتاب الإصابة لابن حجر.
وهكذا يمكن القول أن المكتبات قد شكلت عند الأستاذ علي الريسوني مرجعية ثقافية هامة مكنته من تحقيق إشعاع معرفي لامع في سماء محيطه الخاص والعام.
وقد أجازه فضيلة السيد محمد بن علوي المالكي رحمه الله لما استضافه في الزاوية الريسونية بمدينة شفشاون عام 2002.
عمله التعليمي والجمعوي
عمل الأستاذ مولاي علي الريسوني منذ انخراطه في الوظيفة العمومية إلى أن تقاعد سنة ألفين وثلاثة في سلك التعليم، حيث اشتغل أستاذا لمادة اللغة العربية والرياضيات والتاريخ ثم التربية الإسلامية، وقد كان أثناء مزاولته لهذه المهنة مثالا للمربي الفاضل والأستاذ المرشد، ونظرا لما يمتلكه صاحبنا من معرفة واسعة في مجال الدين إلى جانب اتسامه بسماحة الأخلاق، فقد كلف بمهام عديدة ذات طابع علمي وديني في عدد من الدول العربية والأجنبية، بصفته محاضرا ومنتدبا وواعظا، هذا إلى جانب مشاركته في عدد من الأعمال الجمعوية الثقافية و الاجتماعية، كما عمل عضوا مستشارا في المجلس البلدي بشفشاون، وعضوا للجنة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لهذا المجلس وعمل أيضا عضوا لرابطة علماء المغرب منذ سنة ألف وتسعمائة وواحد وسبعين للميلاد 1971، وعضوا للمكتب الإداري لجمعية الزاوية الخضراء للتربية والثقافة التي يرأسها السيد الوزير محمد ابن سودة . ومديرا للكتاتيب القرآنية التابعة لهذه الجمعية بإقليم شقشاون وكذا رئيسا للفرع الإقليمي بشفشاون لجمعية جبل العلم لولاية تطوان وعضوا ومؤسسا وعاملا في جمعية ابن مشيش لرعاية الثراث الحضاري بشفشاون وعضوا مؤسسا لجمعية السيدة الحرة للأعمال الخيرية بشفشاون وعضوا في اللجنة المكلفة بإعداد الحملة التنويرية لدى الرأي العام الإسباني لشرح أبعاد القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية وعضوا ومقررا للجنة العليا للشرفاء الريسونيين بالمغرب والمرؤوسة من رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب وعضو المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان ورئيس جمعية مكتبة عبد الله كنون النقيب محمد مصطفى الريسوني كما عمل رئيسا للجنة المكلفة بدعم التعليم الإسلامي لأبناء المسلمين في إسبانيا .
أما في المجال الديني فقد عين خطيبا للجمعة بمسجد سيدي ابن الحسن بشفشاون وواعظا لدى المجلس العلمي بولاية تطوان.
إسهاماته الفكرية
- موجز تاريخ شفشاون لجده القاضي الوزير محمد الصادق الريسوني (نشر وتحقيق).
- – الدر المكنون في ترجمة الزعيم ابن ريسون لجده القاضي الوزير محمد الصادق الريسوني (نشر وتحقيق).
- الوثيقة الأولى للمطالبة باستقلال المغرب
- الجديد في الرحلة الملكية لطنجة
- كما قام بإعداد تراجم تهم شخصيات شهيرة على المستوى العلمي و الفقهي، فترجم للأعلام الآتية أسماؤهم .
- الشيخ الصوفي : مولاي علي شقور العلمي المتوفى في رجب 1315هـ.
- العالم القاضي محمد بن عبد الله الحوات العلمي.
- القاضي العلامة الوزير : الصادق ابن ريسون العلمي .
- النقيب الشريف الفقيه أحمد بن الأمين الريسوني العلمي . – القاضي الشاعر، المفضل أزيات الخرشفي (ت 1360هـ) – الولي القطب الشهير : سيدي عبد السلام ابن ريسون العلمي .
كما قام بدراسة هذه الآثار الفكرية الهامة والتعليق عليها وهي :
- -كناشة الشيخ التليدي .
- كناشة القاضي عبد الكريم الحضري .
- شعر الحضري المذكور.
- الآثار الفقهية للقاضي الحضري المذكور.
- كناشة الورديغي.
- آثار الورديغي.
- كناشة العاقل.
- كناشة الغالي العلمي.
- كناشة العلميين الكبرى.
- الحاج مصطفى بن عبد المالك القادري الحسني نقيب الأشراف القادريين بشمال المغرب.
- عائلات شفشاون : وهو عمل تم فيه حصر جميع العائلات التي سكنت شفشاون.
- أعلام شفشاون . وهي سلسة من الدراسات عن شخصيات شفشاوننية أذيعت له في إذاعة تطوان في مائتين حلقة.
- الأشراف القادريون بشفشاون و زاويتهم.
- العائلة الرحمونية (نصوص ودراسات) .
- الأمثال الشفشاونية .
- التاريخ المفصل للأشراف الريسونيين.
- تاريخ قبيلة الأخماس.
- التاريخ النضالي لجهاد جبالة ( 1913-1927 )
- تاريخ شفشاون وهو عمل موسوعي لازال في طور الإنجاز.
وله مؤلفات أخرى عديدة تركت ذكرها على سبيل الإختصار. ومازال السيد علي سائرا في نشاطاته المتعددة مضفيا على بلدته شفشاون جوا مفعما بالعطاء العلمي المتجدد والدؤوب من أجل الرفع من مستوى هذه المدينة إلى مصاف المدن العلمية الأصيلة العريقة كفاس وتطوان وغيرهما من المدن التي كانت تعد من أبرز مراكز الدرس والتكوين في القرون التي مضت .
وهذه بعض الأعمال التي قام بها ولا زال يقوم ببعضها إلى الآن:
- واعظ و مرشد في عموم مساجد و زوايا شفشاون منذ 1964 كما تؤكده عدة وثائق و مراسلات من كل من الأوقاف ومن السلطات المحلية.
- حاصل على ترخيص رسمي من وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية بمزاولة الوعظ و الإرشاد كما في كتب الوزارة تحت عدد 7374 بتاريخ 17 أكتوبر 1971.
- خطيب الجمعة بالزاوية الريسونية بشفشاون من أواخر السبعينات كما في رخصة وزارة الأوقاف و الشؤون الإٍسلامية تحت رقم 10597 المؤرخة في 26 شوال عام 1399 موافق 18 شتنبر 1979 .
- ناظر على الزاوية الريسونية بشفشاون كما يؤكده قرار وزير الأوقاف والشؤون الإٍسلامية الصادر تحت رقم 28 الصادر في 9 يونيو 1980 .
- واعظ معتمد لدى المجلس العلمي الإقليمي بتطوان كما في قرار رئيس هذا المجلس المؤرخ في 19 شتنبر 1985 .
- عضو رابطة علماء المغرب منذ 1971 إلى إنهاء مهامها.
- رئيس آخر فرع لرابطة علماء المغرب بشفشاون وذلك منذ وفاة الفقيه ج محمد السفياني رحمه الله إلى أن وقع إنهاء مهام الرابطة.
- عضو المجلس العلمي بشفشاون من 2004 إلى 2009
- مؤلف عدة كتب.
- له أحاديث مسجلة ومرتجلة مباشرة وغير مباشرة على القناتين التلفزيتين الأولى والثانية المغربيتين.
- له مشاركات في مناسبات عدة في الإذاعة الوطنية بالرباط والإذاعات الجهوية بتطوان وطنجة وكاب راديو وغيرها من الإذاعات.
- له مشاركات في قنوات تلفزية متعددة باللغة العربية في قنوات عربية سعودية وليبية و قطرية.
- له مشاركات في عدة قنوات تلفزية باللغة الإسبانية في كل من إسبانيا وألمانيا والمملكة المتحدة.
- خطب الجمعة عدة مرات في مساجد متعددة بإسبانيا.
- ظل شهرا كاملا في صيف 1995 متجولابالولايات المتحدة بدعوة واستضافة من حكومة هذه الأخيرة حيث قام بإلقاء سلسلة واسعة من المحاضرات والدروس وألقى خطاب الجمعة بالمسجد الأعظم بواشنطن وحظي بترحيب كبير من الجاليات المسلمة هناك كما استقبله سفير المغرب بواشنطن الأستاذ محمد بن عيسى وأدى خدمة جليلة للإسلام الحنيف ولقضايا الوطن العزيز.
- سبق أن قام بالوعظ في رمضان فيألمانيا موفدا من مؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية بالخارج.
- كما سبق أن قام بالوعظ في رمضان في إسبانيا موفدا من مؤسسةالحسن الثاني للجالية المغربية بالخارج.
- وسبق في رمضان 2009 أن قام برحلة إلى الدانمرك حيث قام بإلقاء سلسلة من المحاضرات و الدروس كما خطب الجمعة هناك.
- مثل الزاوية الريسونية مرتين في لقاءات سيدي شيكر للمنتسبين للتصوف في المؤتمرين المنعقدين بمراكش بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
- ألقى مئات المحاضرات والمداخلات في عدة مدن بالمغرب مثل: شفشاون – تطوان – طنجة – العرائش – فاس – الرباط – الدار البيضاء…
- يتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم و الثقافة ( إيسيسكو ) في عدة أنشطة.
- أصدر أول جريدة ذات توجه إصلاحي بشفشاون هي جريدة النصيحة في السبعينات ثم أصدر في التسعينات جريدة شفشاون.
- يستقبل في منزله يوميا الوافدين من المغرب وخارجه من الباحثين عن المعرفة والطالبين للعلم والسائلين عنالتاريخ.
- بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شارك مشاركة فعالة في جميع الجامعات الصيفية للصحوة الإسلامية في أواخر الثمانينات والتسعينات.
- كتبت عنه الصحف والدوريات عن استجواباته وأنشطته عشرات المرات داخلالمغرب وخارجه.
- أسس عدة جمعيات وساهم في أنشطة عشرات من الهيئات الأهلية.
- يدير الكتاتيب القرآنية المباركة التابعة لجمعية الدعوة الإسلامية.
- مدير مدرسة مجمع الصالحين للتعليم العتيق الخاص بشفشاون.
- ساهم في أنشطة وزارة الثقافة لما كان على رأسها المرحوممحمد المكي الناصري.
إسهامات الأستاذ مولاي علي الريسوني في التصوف والعمل الوطني:
يعتبر شيخ الزاوية الريسونية بالمغرب من أهم الشخصيات الصوفية على مستوى العربي والإسلامي، إذ الأستاذ علي الريسوني قبل تعاطيه للتصوف مريدا ثم شيخا، خاض غمار العلوم الشرعية فضلع فيها، وتمكن من ناصيتها قبل انتقاله للممارسة الصوفية، وهو الأمر الذي جنبه الوقوع في المحذورات والمخالفات التي يأباها ديننا الحنيف، فالعلم بالكتاب والسنة بتوفيق الله يعصم صاحبه من البدع والزيغ وكل الشبهات التي لا تنسجم مع الملة الغراء، وقد نص علماء السلف والخلف على هذه الحقيقة، محذرين من المتصوفة الجاهلين، فحفظ الله شيخ الزاوية الريسونية من الزيغ في العقيدة والسلوك، لأنه سلك مسلك التفقه في الدين فعرف الحلال والحرام، وتضلع من علوم التفسير والحديث والأصول والمصطلح وسائر الفنون الشرعية، فكان في ذلك تحصين له من الولوج إلى الأمور التي لا تتفق مع الفطرة والحقائق الدينية والكونية.
وهكذا زاوج بين المسجد والزاوية، فكان وما يزال في المسجد خطيبا وواعظا ومرشدا ومدرسا وإماما، وفي الوقت نفسه كان إلى وقتنا هذا وما يزال ملازما للزاوية: ذاكرا ومتفكرا وملهما ومؤلفا ومربيا وناصحا، وفي هذا من الخير الشيء الكثير.
كما أنه جعل من التصوف سلاحا ضد التطرف، فاستعمل الزاوية وأورادها ومدرستها الروحية سلاحا يحفظ من ويلات التشدد والانغلاق والفهم السيئ للإسلام كما نراه في كثير من المجتمعات التي غاب فيها التصوف وظهر التطرف بآثاره المدمرة، عنيفا إرهابيا مشتتا للأمة مخربا للبنيان.
إن الأستاذ علي الريسوني جعل من التصوف مسلكا يعالج به الأزمات الخلقية والانحرافات العقدية، ولذلك جعله خادما للثوابت الوطنية في بلادنا المغربية، إذ الأستاذ علي الريسوني أحد كبار خدام الوطن المغربي ونظامه السياسي ووحدته الترابية وإمارة المومنين التي تجمع شمل البلاد والعباد، ولذلك أقام منذ 2011 مؤسسة (مجمع الصالحين) التي يشتغل فيها طول العام، ويتوج ذلك الاشتغال كل سنة بالموسم الأكبر قبيل عيد العرش، والمخصص لثقافة الدعاء لأمير المومنين وللأمة الإسلامية، وذلك بجبل العلم في مولاي عبد السلام بن مشيش، حيث يجتمع هناك المئات من ممثلي حفاظ القرآن الكريم والزوايا الصوفية والمجتمع المدني كل عام، للابتهال إلى الله بحفظ المغرب من كل فتنة ولسلامة هذه الأرض المباركة وأمنها واستقرارها.
أما سند الأستاذ علي الريسوني في مشيخته للطريقة الريسونية، فهو سند صحيح، يعتبر سلسلة الذهب شيخا عن شيخ منه إلى صاحب دلائل الخيرات الشيخ محمد ابن سليمان الجزولي المتوفى 870 هـ، ثم منه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.