الموقع الرسمي للزاوية الريسونية
الزاوية الريسونية أسست في أثناء معركة وادي المخازن الشهيرة التي وقعت في 1578 ميلادية على يد سيدي امحمد بن علي بن ريسون المتوفى عام 1609 بإذن شيخه مولاي عبد الله بن الحسين الأمغاري دفين قرية تامصلوحت ضواحي مراكش. ومنهاجها يعتمد على الكتاب والسنة النبوية وعلى عمل الصحابة والسيرة العطرة للصالحين، أما من حيث منهاجها العقدي فهو مرتبط مع مذهب أهل السنة والجماعة على طريقة الإمام الأشعري رضي الله عنه وهو ما كان عليه السلف ببلادنا المغربية. يبقى الجانب الدعوي الذي نقوم به بالعلم والموعظة الحسنة من غير إفراط ولا تفريط كما تقتضيه الوسطية والاعتدال.

مولاي علي الريسوني الباحث في الشؤون الأندلسية: يجب أن تكون هناك حملة تحسيسية متواصلة لتوعية الناس بأصولهم الأندلسية

0

عن جريدة المساء المغربية 04/06/2007

 

هؤلاء الأندلسيون أو الموريسكيون المنتشرون بين طنجة وشفشاون وتطوان وقبيلة أنجرة، من أين جاؤوا بالضبط؟

لقد جاؤوا إلى المغرب نتيجة قرار تعسفي وإجراء ظالم وتصرف غير حضاري وغير قانوني، إنه عمل انتقامي ونقض للعهد ورجوع عن الوعد وعدم تنفيذ لاتفاق رسمي تم توقيعه باسم دولة إسبانيا.إن رجل الدولة إذا وقع اتفاقا وبصمه بخاتمه، فإنه يلتزم بتنفيذ جميع ما تتضمنه الوثيقة. هذه عادة متبعة لدى المسؤولين الذين يتحملون المسؤولية، وإذا حق لكل مسؤول أن يتراجع عما وقع عليه فمعنى هذا أنه مسؤول طائش لكن الموريسكيين كانوا في عداد المنهزمين.. وهذا يعني أن المعاهدة بحفظ مال ودين وعرض الأندلسيين كانت خدعة حرب لا.. المعاهدة تمت قبل الهزيمة. لقد وقعت المعاهدة خلال حصار غرناطة في نونبر من سنة 1491، وغرناطة تم تسليمها سلما وليس حربا، أي أن احتلالها تم يوم ثاني يناير 1492، وبين التوقيع على المعاهدة وتسليم مفاتيح المدينة هناك أكثر من شهر.

لكن غرناطة كانت ستسقط في جميع الأحوال، فلا غرابة إذن أن يتراجع المنتصرون الإسبان في عهودهم التي أعطوها للأندلسيين المحاصرين؟

ليس من حقهم أن يتراجعوا لا في القوانين الدولية ولا في العرف ولا في الأخلاق. من غير الممكن التراجع في المعاهدات، ومن المشين التراجع عما وعدوا به. إنها معاهدة تمت وفق القوانين والأعراف المعمول بها مع دولة الإسلام التي بقيت في جنوب إسبانيا في إمارة غرناطة بعد أن تقلصت الدولة الأندلسية مع مر السنين والتي كانت تشمل كل التراب الإسباني حاليا ودولة البرتغال.هذه الإمارة كانت قائمة ويرأسها أمير معترف به، ولذلك فإن المعاهدة التي وقعها مع ملك الكاثوليك كانت تستوفي كل شروط المعاهدات الدولية، وإلا لماذا يوقعونها إذن!؟ إن نص تلك المعاهدة كان يتضمن أن يراعي الجانب المسيحي كل حقوق المسلمين ولا ينتقص منها شيئا في حفظ حقوق وواجبات وأملاك المسلمين وحماية وضمان حرية ممارساتهم الدينية وحفظ معتقداتهم، وعلى هذا الأساس وقع السلطان أبو عبد الله المعاهدة.

والآن بعد خمسة قرون على النكبة الكبرى للأندلسيين، ماذا بقي من ذلك الشعب المشرد في عدد من بقاع العالم؟

إذا استقرأنا التاريخ، فإننا لا نجد أن شعبا قد انتهى بقرار ظالم. الهنود الحمر تعرضوا للإلغاء من الوجود، لكنهم لازالوا موجودين. يمكن أن نقول إنهم تعرضوا للتشريد والتشتيت، لكنهم في كل الأحوال لايزالون موجودين. هناك، مثلا الأكراد الذين لا يمكن إلغاء وجودهم سواء كانوا أقوياء أو ضعفاء، لكن هناك فرق بين هذه الأطراف وهو أن الهنود الحمر معروفون والأكراد معروفون ومنطقتهم الجغرافية محددة، لكن الأندلسيين تشتتوا في مناطق كثيرة جدا بدءا بفرنسا وإيطاليا والمغرب وتونس وتركيا وليبيا وفلسطين وحتى جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى ومناطق أخرى من العالم إن تحديدهم وتحديد أماكنهم يرجع إلى أهل الاختصاص. مثلا، هل يمكن أن نلغي الهوية البربرية في المغرب أو الجزائر؟ وما الذي يدلنا على الهوية البربرية؟ إنها اللغة.

إذن العنصر الأندلسي بماذا يمكن أن نميزه رغم وجوده في الشتات. وللتعرف على هؤلاء الأندلسيين، فإن الوسيلة الصحيحة لذلك هي البحث في الوثائق التاريخية أو ما تبقى منها وتتبع آثارهم وطرقهم وأسمائهم وأنسابهم. إن ذلك ممكن بطبيعة الحال. وأنا أذكرك بالمؤتمر الذي انعقد في قرطبة سنة 1989 حول أندلسيي الشتات وأنا حضرت هذا المؤتمر وألقيت فيه كلمة حول الموضوع. كان هذا المؤتمر برعاية المرحوم الدكتور علي الكتاني، وهو مؤسس جامعة ابن رشد في قرطبة، وهو الذي نظم رفقة عدد من أعوانه وأصدقائه أول ملتقى عالمي للموريسكيين في جميع أنحاء العالم، وخصوصا من المغرب وتونس وتركيا وإسبانيا ومن مناطق أخرى.منذ تلك الفترة لم تهدأ تحركات الموريسكيين من أجل التعريف بأنفسهم وقضيتهم. وأنا أقول إن الهوية الأندلسية هي أهم من الهوية الموريسكية، لأن الهوية الموريسكية محدودة في الزمن وضيقة في الجغرافيا، لكن الهوية الأندلسية أوسع. لذلك، فإننا نشترك كلنا في حركة من أجل بعث الهوية الأندلسية.

وما الفرق بين موريسكي وأندلسي؟

الأندلسيون هم الذين رحلوا أو تم ترحيلهم من الأندلس قبل سقوط الدولة الأندلسية تماما. أما الموريسكيون فهم الذين تم تهجيرهم بعد سقوط آخر قلاع هذه الدولة تحت الضغط وقيام محاكم التفتيش، أو استمروا في العيش تحت حكم الملوك الكاثوليكيين والذين تم ترحيلهم أيضا في عمليات طرد كثيفة ومتتالية استمرت حتى حدود 1614.- أنتم الآن بصدد تحديد العائلات الموريسكية وبدأتم في تسجيل بعض الأسماء؟< هذا هو العمل الذي بدأنا في القيام به بالفعل، كما بدأنا في جمع التراث الأندلسي المكتوب والتراثي. إننا إذا كنا نجمع كلمات الطرب الأندلسي أو أشعار ابن زيدون أو كتب الطب والهندسة الأندلسية، فكيف نغفل الإنسان الأندلسي الذي صنع أجداده هذه الحضارة. إن التراث الأندلسي لايزال يعتمد لكونه من أحسن الإنتاجات الحضارية في العالم. إننا حين نقوم بالبحث عن هذا الإنسان، فإننا نحاول أن نرد الاعتبار إليه وإلى هذه السلالة وإلى هذا الكائن الذي أنتج ذلك الإنتاج الضخم من المعارف الإنسانية العظيمة والذي لا يسعنا إلا أن نطأطئ رؤوسنا احتراما وتقديرا له.

كيف اختار الأندلسيون أو الموريسكيون الذين جاؤوا إلى المغرب المناطق التي استقروا فيها، هل لأسباب استراتيجية وعسكرية. أم لأسباب جغرافية أم لأنهم كانوا يبحثون عن تشابه بين مناطقهم التي كانوا يسكنونها في الأندلس والمناطق التي استقروا بها في المغرب؟

كان هناك نوع من التجانس ما بين البيئة الجغرافية في المغرب وتلك التي كان يستوطنها المهاجرون الأندلسيون. إن الذين كانوا يسكنون الأرياف في الأندلس اختاروا أرياف الشاون ومنطقة غمارة في المغرب، والذين كانوا يسكنون هناك في المدن العامرة مثل غرناطة ومالقة وأشبيلية اختاروا المدن الكبيرة العامرة مثل فاس وسلا، والذين جاؤوا من الشواطئ في الأندلس اختاروا الاستقرار على الشواطئ المغربية.وعندنا في شفشاون حي يسمى ريف الأندلس، ومعنى هذا أن سكانه أتوا من جبال وبوادي الأندلس واستقروا هناك في تلك الجبال، أما الأسر الكبيرة والغنية التي كانت تسكن في القصور والعواصم فقد اختارت العيش في المدن الكبرى.

هناك عدد كبير من الأسر الموريسكية التي تجهل أصولها، خصوصا في البوادي والقرى في شمال المغرب. هل نسيانهم لأصولهم يضر بما يمكن أن نسميه «القضية الأندلسية»، وهل هناك إمكانية لتحسيسهم بهويتهم وتاريخهم وجذورهم؟

بالفعل، يجب أن تكون هناك حملة تحسيسية متواصلة من أجل توعية هؤلاء الناس بأصولهم وانتمائهم العرقي والحضاري والتاريخي. إن هذه ليست مسؤولية جهة أو جمعية محددة، بل مسؤولية كل الناس الذين لديهم تفاعل وتقدير لهذا التاريخ الباهر للأندلس وتضامن وتعاطف يستمد مبرره من المحنة الكبرى التي تعرض لها أجدادهم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد